اعتصام حركة 20 فبراير بطنجة يتحول إلى مسيرة شعبية
نورالدين لشهب وإدريس أرباج من طنجة
2011-07-11 13:43:00
التحق
شباب حركة 20 فبراير بساحة التغيير بالحي الشعبي بني مكادة عشية الأحد 10
يونيو الجاري في حدود الثامنة مساء حيث اعتادوا خوض أشكالهم الاحتجاجية ،
لتأطير الاعتصام الذي دعوا له بحر الأسبوع الماضي ،إلا أنهم فوجئوا بمنصة
منصوبة من طرف السلطات احتلت ساحتهم الأثيرة، والتي اعتلتها المطربة
الشعبية سعيدة شرف لتنشيط حفل فني غير وارد في أي أجندة فنية بالمدينة،
خطوة رأى فيها مناضلو الحركة استفزازا مكشوفا لهم ومحاولة لجرهم نحو ردود
أفعال غير محسوبة لاستغلالها في الحملة التي تقودها الدولة ضدهم،خصوصا مع
الإنزال المكثف لعناصر من البوليس بلباس مدني حسب ما عاينته "هسبريس" بعين
المكان بالحي الشعبي المشهور بمدينة البوغاز.
عناصر البوليس حاولت دفع بعض الشباب المتحمس لاحتلال المنصة والتهجم
عليها ،الشيء الذي انتبه له شباب الحركة بشكل مبكر وجعلهم يسارعون في
اتخاذ قرار الانسحاب من الساحة والاستغناء عن فكرة الاعتصام بها
والاستعاضة عن ذلك بمسيرة شعبية لنزع فتيل أي مواجهات محتملة .
نواة
المسيرة التي انطلقت من ساحة التغيير تشكلت في غالبيتها من الغاضبين على
سياسة المهرجانات الموسيقية التي تقيمها الدولة، حيث هتفوا وهم يلتحقون
بشباب 20 فبراير "الشعب لن يغفر لمخزن شاكيرا" و "فلوس الشعب فاين مشات
الويسكي والسهرات"،لتخترق المسيرة بعدها شارع بئر شعيري مرورا بساحة
تافيلالت وصولا إلى المنطقة التي تعرف بـ"الرويضة" قبالة الحامية العسكرية
ليعرج بعدها المحتجون الذين تزايد عددهم بكثافة على أحياء مبروكة،الزاودية
ثم شارع بنديبان الرئيس، هناك أصر بعض الشباب على العودة إلى ساحة التغيير
لخوض الاعتصام مبررين ذلك بكون الإعلان الذي جاء في نداء الحركة الموجه
لجماهير المدينة تضمن زمن ومكان الاعتصام ومن غير المنطقي تغييره تحت أي
مبرر كان،إلا أن تدخل أعضاء من التنسيقية الداعمة لمطالب الحركة بالمدينة
التي بدت حريصة على تفويت الفرصة على ما سموه بعناصر "المخزن" حسب ما أفاد
به أحد أعضائها لـ"هسبريس" ،جعل الشباب يعدلون عن فكرتهم وينضمون مجددا
إلى المسيرة التي اتجهت نزولا نحو الساحة المقابلة لمسجد القنطرة، حيث
توقف الجميع لترديد شعارات قوية هتفت ضد الفساد والاستبداد،ألقى بعدها بعض
الشباب كلمات أكدت في مجملها على استمرارية النضال وحثت الجماهير على عدم
الاكتراث بأساليب المخزن الملتوية في مسعاه للقضاء على الحراك الشعبي ،كما
أدانوا حملة التشهير التي يتعرضون لها من خلال وصفهم بدعاة "الإفطار في
رمضان"، كما أكدت التدخلات استعداد الشباب خوض كل الأشكال النضالية
الممكنة لاسترجاع مكبرات الصوت التي صادرتها السلطات من أحد شباب الحركة
بعد اقتياده إلى مقر الأمن وتهديده مساء السبت الماضي.
وعكس الحضور
الأمني المكثف بساحة التغيير الذي فرض طوقا أمنيا على المنصة المنصوبة،
فان المسيرة لم يواكبها إلا عدد قليل من رجال الأمن بلباس مدني وبعض عناصر
مكتب الاستعلامات وسيارة إسعاف وحيدة ظلت تتعقب المسيرة إلى غاية نهايتها.
هسبريس
كانت حاضرة وتابعت جميع مراحل النشاط الاحتجاجي ،كما التقت ببعض الفاعلين
في حركة 20 فبراير واستطلعت رؤاهم فيما يخص مستقبل الحركة وإمكانية خوض
اعتصامات مفتوحة كشكل تصعيدي في حال استمرار الدولة في تجاهل مطالبهم.
عبد المنعم الموساوي، وهو أحد أعضاء حركة 20 فبراير بطنجة، مستقل كما
قدم نفسه، يعتبر أن "المخزن" لا زال يهدر المال العام على "الشطيح"
والحفلات عوض الاهتمام بتنمية المجتمع بما ينفعه لا سيما الأحياء الشعبية
التي هي في أمس الحاجة إلى هذا المال المهدور.
وعلى مستوى المطالب المحلية فيرى "الموساوي" بأن حركة 20 فبراير تناضل
من أجل طرد شركة "أمانديس" التي تمثل أحد أوجه الاستعمار بالمدينة،
بالاضافة إلى المطالبة بمحاسبة المفسدين الذين يعيثون فسادا بالمدينة،
فـ"أسماؤهم" معروفة للجميع من أمثال سماسرة الانتخابات ومن يدور في فلكهم".
أما حسن حداد عن حزب الطليعية الديمقراطي الاشتراكي، فيصرح أن مدينة
طنجة " تعرف سيطرة لوبيات متكونة من مستشارين محليين وبرلمانيين وأباطرة
المخدرات وسماسرة الانتخابات في تواطؤ مع الوزارة الوصية والتي ساهمت في
نهب المال العام والسيطرة على الأراضي السلالية والمساحات الخضراء" وتفويت
مجموعة من القطاعات الحيوية لرموز الفساد للأحزاب الإدارية الموجودة
بالمدينة".
أما عن الاعتصام الإنذاري التي كانت تعتزم الحركة على تنظيميه، يرى
حداد، بـ"أن حركة 20 فبراير سبق لها وأن دعت لاعتصامات إنذارية قبل اليوم"
واعتصام اليوم الذي تحول إلى مسيرة شعبية، فإن حداد يتهم رؤساء الجماعات
في بني مكادة واتصالات المغرب والسلطات المحلية التي حاولت جر الحركة إلى
الاصطدام لكن الشباب كان ذكيا وفوت عليهم الفرصة".
وبخصوص العمل المميز لحركة 20 فبراير بطنجة، يرى مراد الصابري العضو في
الحركة والمنتمي لحزب النهج الديمقراطي بطنجة، يعود إلى نهج التكتيك
المحكم واستراتيجية العمل في الميدان منذ انطلاق الحركة، وذلك على مستوى
الشراكة المميزة للقوى السياسية الموجودة بالمغرب بشكل عام وطنجة على وجه
الخصوص، حيث "نجحنا ما أمكن في تاريخ المغرب أن نؤسس لشراكة حقيقية على
مستوى النضال الشعبي المشترك المبني على التعاون المثمر في كل محطاتنا
النضالية مع وعينا أن الاستمرار في الاحتجاج يحتاج إلى تعبئة الأحياء
الشعبية المتضررة التي غيبها المخزن من أي تنمية حقيقية وساهم في تهميشها".
أما عن إمكانية خوض الحركة اعتصاما مفتوحا إن لم تتحقق المطالب
المرفوعة، يرى الصابري، بأن الحكم يؤول بالنهاية إلى مقررات الحركة التي
تتخذ في جموعها العامة وبشكل ديمقراطي كما جرت العادة. مضيفا بأن "
الاعتصامات المفتوحة في حاجة إلى تعميق النقاش بين كل القوى الداعمة لحركة
20 فبراير وكذا شباب الحركة على المستوى الوطني بشكل عام خصوصا بعد مرحلة
الاستفتاء التي تتطلب منا كسب رهانات وتحديات أخرى ما يعني أن كل الأمور
تبقى ممكنة..ولهذا على المستوى الوطني يتطلب منا التركيز على تصعيد النضال
بشكل ممركز ووطني قد تكون طنجة هي البداية على شكل مسيرات أو اعتصام جزئي
وكل الاحتمالات تبقى مفتوحة".