بدا الأمر أشبه بمفاجأة غير سارة في مشهد سينمائي. ولولا أن الحادث دار في شارع ولاد زيان بالدارالبيضاء في وقت الذروة وأمام عشرات شهود العيان وحركة مرور مختنقة لوجد كل من عاين الواقعة سببا في التشكيك في صحتها. في حدود الرابعة والنصف من بعد زوال أول أمس الاثنين، توقفت حركة المرور في الجزء الأيمن من شارع ولاد زيان على بعد أمتار من المحطة الطرقية. السبب، نقاش طويل بين سائق حافلة كانت خارجة لتوها من المحطة وتقف بطريقة عشوائية في الطريق بالرغم من أن القانون لا يسمح بذلك، وسائق سيارة عائلية من الحجم الكبير، مرفوقا بأفراد عائلته، احتج كثيرا على الطريقة الفجائية التي توقفت بها الحافلة دون سابق إنذار، حيث كان من الممكن أن تصاب سيارته بقوة. في لحظة، احتشد جمع من السائقين والمارة بالمتخاصمين، وتحول المشهد برمته إلى بؤرة سدت شارع ولاد زيان أمام الحركة بالكامل.
ترجل الرجلان وشرع كل منهما في كيل السباب للآخر مع تذكير المتجمهرين بأن له الحق على الآخر. ارتفعت حدة المشادة الكلامية واقترب الوضع من الشجار. حاول البعض الدخول بخيط أبيض لفك الاحتقان، غير أن الوتيرة سترتفع عوض ذلك. في غفلة من الجميع، عاد المهاجر إلى سيارته المرقمة في الخارج، وعاد بمسدس ! ابتعد نفر من المتجمهرين مخافة تطور الأمور إلى مالا تحمد عقباه، فيما حال جمع آخر دون استعمال المهاجر للمسدس، طالبين منه العودة إلى السيارة وإكمال السير قاصدا اتجاهه صحبة عائلته. ارتعب سائق الحافلة خوفا، وشرع في مناداة المحيطين للاتصال بأقرب مخفر للشرطة، لتسجيل الواقعة ورفع شكاية ضد المهاجر المغربي، الذي «سمع الكلام» وعاد أدراجه فيما بعد متوعدا السائق بأوخم العواقب.
في لحظات وصلت دورية أمنية إلى عين المكان. عناصر أمنية طلبت من المهاجر تسليم وثائق الهوية وأوراق السيارة. وهو ما تم بالفعل وسط توسلات من بعض أفراد عائلته، ومحاولات يائسة لشرح طبيعة تطور الأشياء من صراع بسيط حول مضايقة في حركة السير، إلى إشهار المسدس. تحفظت عناصر الشرطة التي حضرت لتسجيل الحادث على المسدس أيضا، واقتيد المتخاصمان إلى الدائرة الأمنية السابعة بالفداء درب السلطان لاستكمال الاستماع إليهما، وهي الدائرة الأمنية التي تقع المنطقة التي شهدت الحادث ضمن نفوذها الترابي. تم تحرير محضر في حق المهاجر المغربي في أوروبا بالحادث، واستمر التحفظ على المسدس من أجل تسليمه للوكيل العام للملك، الذي وجه إليه المحضر في مساء نفس اليوم.
« تطور الأمور بين المهاجر وسائق الحافلة لا يجب أن يخفي المشكل الرئيسي الذي تسبب فيه. إنه الفوضى التي يعرفها محيط محطة ولاد زيان وحي التسير القريب جراء عودة الحافلات للركن بعد مغادرة المحطة الطرقية وتجاوز بعض أرباب شركات الإرساليات للقوانين المنظمة لمهنتهم في حي التسير» هكذا لخص شاهد عاين من سكان المنطقة الحادث برمته