توفيق بوعشرين يتساءل: 20 فبراير إلى أين؟
توفيق بوعشرين
2011-07-14 21:44:00
نجحت حركة 20 فبراير في تحريك المياه الراكدة في بحيرة السياسة
المغربية، واستطاعت حركة الشباب، الذي تجاوب بسرعة مع أزهار الربيع العربي
للديمقراطية، تحقيق إنجازات كثيرة لم تستطع الأحزاب جميعها الوصول إلى
ربعها. ففي ظرف خمسة أشهر، شهدت البلاد ميلاد دستور جديد لم تكن الأحزاب
التقليدية تحلم بربع أنفاسه الإصلاحية، كما جرى فتح ملف الاعتقال السياسي
الذي كانت أختام أمنية كثيرة موضوعة فوقه، كما تم إحداث المجلس الوطني
لحقوق الإنسان الذي خرج من رحم المجلس الاستشاري العقيمة، علاوة على إنشاء
مؤسسة الوسيط، وزيادة سلط مجلس المنافسة... وكلها إجراءات جاءت من روح
تجاوب الملك محمد السادس مع الشباب الذي مازال ينتظر خطوات أخرى جريئة.
من حق شباب الحركة المتحزب وغير المتحزب، الإيديولوجي وغير الإيديولوجي،
أن يطالب بالمزيد، كما من حق مسيرات الشباب أن تجوب المدن والأقاليم وهي
آمنة على رؤوسها من عصا الأمن أو خناجر البلطجية، مادامت حركة سلمية
ومطالبها من داخل النظام لا من خارجه. كل هذه حقوق وحقائق لا جدال فيها،
لكن هذا لا يمنع من وقفة تأمل واستشراف تحت يافطة عنوان كبير: حركة 20
فبراير إلى أين؟
لا بد من الإقرار، تحت «الكلام أعلاه»، بأن جذوة الحركة ضعفت كثيرا
مقارنة بالعنفوان الذي بدأت به، حيث كانت صفوفها خليطا «جميلا» من كل
توجهات الطبقة الوسطى التي تحلم بميلاد عقد اجتماعي جديد ومغرب ديمقراطي
واعد. كنت ترى الطلبة والأساتذة ورجال الأعمال والمعطلين والموظفين
والمهندسين والأطباء والجامعيين والمثقفين والحقوقيين والكتاب والأدباء
والشعراء والصحافيين والحركات النسائية وشبيبات الأحزاب... وكل أطياف
المجتمع الحي الذي يصطف، رغم اختلافه، خلف يافطة: الملكية البرلمانية
ومحاربة الفساد واحترام حقوق الإنسان... الآن أصبحت الحركة أكثر ضيقا. لم
نعد نرى العائلات تُخرج أطفالها إلى الشارع، ولم نعد نرى ذلك الطيف المتنوع
ينزل إلى الشارع حاملا نفس المطالب، بل صارت الحركة في يد جماعة العدل
والإحسان وحزب النهج الديمقراطي ومناضلي أقصى اليسار وبعض رموز الحركة
الذين أصبحوا مجرد واجهة لـ20 فبراير، فيما القاعدة الأساس تمثلها جماعة
الشيخ ياسين.
هذا التوصيف لا يعني أن هؤلاء لا حق لهم في التظاهر. بالعكس، من حقهم أن
يبقوا على موقفهم، لكن ما هي إنتاجية هذه المواقف؟ وما هي جدوى المطالبة
بإسقاط الدستور الجديد بغض النظر عن الملاحظات الجدية التي أبدتها العديد
من الأحزاب والجمعيات الحقوقية بخصوص الظروف التي جرى فيها الاستفتاء يوم
الجمعة الماضي.
لتستعيد حركة 20 فبراير وهجها وتنوعها ورمزيتها عليها أن ترسم لنفسها
أهدافا واضحة ووظيفة محددة، كأن تتحول إلى «ناقوس ينبه للخطر».. حركة مجتمع
حي ينتفض عندما تمس مبادئ الديمقراطية.. حركة تشكل سلطة «أخلاقية» فوق رأس
السلطة الفعلية والحكومة والوزراء وكبار المسؤولين، وفي يدها سلاح التظاهر
في الشارع... عندها سيصبح صوتها مسموعا أكثر، ودورها فعالا أكثر، ورحمها
خصبة بحيث تسمح بميلاد مبادرات أخرى.